“الوزراء”يستعرض دور الوظائف الحرة عبر الإنترنت فى زيادة مشاركة الإناث بسوق العمل
أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا معلوماتيًا جديداً حول دور الوظائف الحرة عبر الإنترنت في زيادة فرص مشاركة الإناث في سوق العمل، والأسباب التي تجعل العمل الحر عبر الإنترنت فرصة لزيادة مساهمتهن به، وما تحتاجه النساء للنجاح في العمل الحر عبر الإنترنت.
وأوضح المركز خلال التحليل أن تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يعد جزءًا لا يتجزأ من خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأهدافها السبعة عشر Sustainable Development Goals (SDGs)، ولن نتمكن من تحقيق العدالة والشمول والحفاظ على حقوق الأجيال القادمة إلا من خلال ضمان حقوق النساء. وقد أظهرت بيانات المؤشر العالمي للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، أن نسبة الفجوة العالمية بين الجنسين بلغت 68.4% في عام 2023 مقارنة بنحو 68.1% عام 2022، حيث يقيس المؤشر التطور السنوي لوضع المساواة بين الجنسين من خلال أربعة مؤشرات فرعية، وهي (التمكين السياسي – المشاركة الاقتصادية والفرص – التحصيل التعليمي- الصحة والبقاء على قيد الحياة)، وقد أوضحت التقديرات الدولية أن سد الفجوة بين الجنسين سوف يستغرق 130 عاما، أي أن العام الذي سوف يتم فيه تحقيق المساواة بين الجنسين هو عام 2154، إذا سار التقدم في سد الفجوة في مساره الحالي.
ويُعرف العمل الحر عبر الإنترنت GIG WORK بأنه وظيفة لمرة واحدة يتقاضى العامل مقابلها أجرًا مقابل مهمة معينة أو لفترة محددة، ويتم من خلال منصات الإنترنت، حيث تعمل المنصة كوسيط بين العامل “المؤقت” والشخص أو الشركة التي تحتاج إلى إنجاز العمل، وقد أدى ظهور هذه الأعمال الحرة عبر الإنترنت إلى تغييرات جلية في القوى العاملة العالمية، وفتح الأبواب أمام الأعمال المرنة وفرص العمل عن بعد لنسبة تقدر بنحو 4.4% إلى 12.5%من القوى العاملة، وهذه المرونة في العمل عن بعد لديها القدرة على جذب المزيد من الإناث في القوى العاملة، حيث أن النساء يواجهن قيودًا كبيرة في الوصول إلى الوظائف التقليدية بسبب مسؤوليات الأسرة والرعاية، ومن ثم تمثل الوظائف الحرة عبر الإنترنت فرصة لزيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة.
وقد استعرض التحليل عدد من الأسباب التي تجعل العمل الحر عبر الإنترنت فرصة لزيادة مساهمة المرأة في سوق العمل، ومن بينها ما يلي:
-سرعة انتشار العمل الحر عبر الإنترنت، حيث يمثل نحو 12% من القوى العاملة العالمية. ونجد أنه في كثير من الدول، تشارك النساء في العمل الحر عبر الإنترنت بمعدلات أعلى من مشاركتهن الإجمالية في القوى العاملة. فقد أوضحت بيانات استطلاع الرأي العالمي الذي أجراه البنك الدولي في 17 دولة على مستوى العالم أن 42% من العاملين في الوظائف الحرة المؤقتة عبر الإنترنت هم من النساء، في حين أن مشاركة المرأة في سوق العمل العام بلغت في تلك الدول نحو 31.8%، وذلك وفقًا لتقرير البنك الدولي “عمل بلا حدود: وعود وأخطار العمل الحر المؤقت عبر الإنترنت” الصادر في عام 2023.
-يمكن أن يكون العمل عبر الإنترنت بمثابة الحل للنساء للتحايل على الأعراف المجتمعية التي تمنعهن من الوصول إلى الوظائف التقليدية. فنجد أن نسبة مشاركة السيدات في العمل الحر عبر الإنترنت تكون أعلى في الدول التي لديها أعراف مجتمعية تقيد عمل المرأة خارج المنزل، مما يشير إلى أن العمل المؤقت عبر الإنترنت يوفر للنساء فرصًا جديدة للعمل وكسب الدخل.
-يوفر العمل الحر عبر الإنترنت المرونة في المكان والزمان، فيمكن أن يكون العمل عبر الإنترنت بمثابة شريان حياة للنساء اللاتي يواجهن قيودًا على الحركة ويحتجن إلى الموازنة بين العمل ومسؤوليات الأسرة والرعاية.
-يعد العمل عبر الإنترنت مصدر دخل مهم للعديد من النساء، وتميل النساء في المتوسط إلى العمل بدوام جزئي، فنجد أن ما يقرب من 50٪ منهن يكسبن معظم دخلهن بهذه الطريقة مقارنة بـ 37٪ فقط من الرجال العاملين في الأعمال المؤقتة عبر الإنترنت، علاوة على ذلك، فإن معظم النساء العاملات في مجال الأعمال المؤقتة عبر الإنترنت يرغبن في الاستمرار في النمو والتوسع بالعمل عبر الإنترنت من خلال فتح مشاريع خاصة لهن عبر الإنترنت.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تحليله إلى مشاركة الإناث العاملات في العمل الحر عبر الإنترنت باعتباره وسيلة لكسب دخل إضافي بسبب عدم وجود فرص عمل بديلة، في حين أن العمال الذكور يهتمون بالعمل الحر لأنه يسمح لهم “بأن يكونوا رؤساء أنفسهم” والحصول على مهارات رقمية جديدة. فكلا الجنسين يقدران المرونة من حيث المكان والزمان التي يوفرها العمل الحر عبر الإنترنت، لكن تنجذب النساء العاملات أكثر إلى الفوائد النقدية للعمل عبر الإنترنت، في حين يهتم العمال الذكور أكثر بالأبعاد غير النقدية. ومن الجدير بالذكر أن العمل عبر الإنترنت لا يوفر فرصة لكسب دخل إضافي فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حاسمًا في تزويد العمال بالمهارات الرقمية الهامة.
وأشار التحليل إلى أن غالبية العاملين في الأعمال الحرة عبر الإنترنت هم من الشباب، حيث يبلغ متوسط العمر 26 عامًا لكل من العاملين من الذكور والإناث. ومن ثم يمكن أن يكون العمل عبر الإنترنت مفيدًا بشكل خاص في المجالات التي تتعامل مع مستويات عالية من البطالة بين الشباب، ونجد أن متوسط عمر العاملات أعلى بخمس سنوات من عمر الذكور، حيث بلغ متوسط عمر العاملات في العمل الحر 33 عاما مقابل 28 عاما للذكور، وفي الواقع، فإن ما يقرب من 25% من العاملات عبر الإنترنت فوق سن 45 عامًا، في حين أن نسبة الذكور في نفس الفئة العمرية أقل من 15%. كما أن بعض الأشخاص بعد سن التقاعد يقومون بأعمال مؤقتة عبر الإنترنت لدعم أنفسهم، أو استكمال دخل التقاعد، أو زيادة دخلهم الإجمالي، وذلك على الرغم من أن أعدادهم محدودة في النساء والرجال.
ويعمل ما يقرب من 60% من النساء العاملات عبر الإنترنت لمدة 10 ساعات أسبوعيًّا أو أقل، في حين يمثل الذكور 50%. وتتجلى هذه الفجوة بين الجنسين في ساعات العمل مدفوعة الأجر أيضًا في سوق العمل العام، حيث تميل النساء إلى قضاء المزيد من الوقت في المهام غير مدفوعة الأجر مقارنة بالرجال. ويمكن أن يعزى انخفاض ساعات العمل بين العاملين الذكور في مجال الأعمال المؤقتة عبر الإنترنت، جزئيًّا، إلى أن العديد منهم يقوم بالأعمال الحرة عبر الإنترنت كوظيفة جانبية أثناء شغل وظيفة أساسية في مكان آخر أو الدراسة بدوام كامل.
كما يحصل ما يقرب من نصف الإناث العاملات في مجال الأعمال الحرة عبر الإنترنت على نحو 50 – 100% من دخلهن من العمل عبر الإنترنت، في حين أن 37% فقط من الذكور العاملين في مجال الأعمال المؤقتة عبر الإنترنت يحصلون على ذات النسب من الدخل، ويرجع ذلك إلى أن الذكور العاملين في الأعمال الحرة عبر الإنترنت لديهم مصادر دخل متنوعة، مما يقلل حصة أرباحهم من العمل المؤقت عبر الإنترنت، في المقابل، قد تركز العاملات في مجال الأعمال المؤقتة عبر الإنترنت على عدد قليل فقط من الوظائف عبر الإنترنت، مما يعني أن الكثير من أرباحهن الشهرية تأتي من تلك الأنشطة فقط.
وقد أبرز التحليل في ختامه ما تحتاجه النساء للنجاح في العمل الحر عبر الإنترنت:
-تحتاج النساء العاملات في الأعمال المؤقتة عبر الإنترنت للحصول على قدر أكبر من برامج التدريب للجمع بين المهارات التقنية المطلوبة والمهارات الاجتماعية العاطفية التي تعتبر ضرورية للعاملين المستقلين عبر الإنترنت مثل إدارة الوقت ومهارات الاتصال.
-يمثل الشمول المالي تحديًا حاسمًا للنساء العاملات في الأعمال المؤقتة، ويعد الحصول على الائتمان لشراء المعدات ضروريًّا أيضا للتغلب على حواجز الدخول إلى الأعمال الحرة عبر الإنترنت. كما أنهم يفتقرون إلى الخدمات والمنتجات المالية التي تلبي احتياجاتهم، مما يجعلهم غير قادرين على الاستفادة من عملهم لتحقيق المزيد من الأمان المالي أو النمو. فنجد أن نحو 52% من النساء لا تملكن الدعم المالي الكافي الذي يمكن أن يساعدهن في زيادة الدخل المتحصل عليه عبر منصات “العمل الحر عبر الإنترنت”.
-تحتاج العاملات في مجال الأعمال الحرة عبر الإنترنت إلى المزيد من الخدمات -مثل خدمات التأمين الطبي- والمنتجات المالية التي توفر لهم التأمين ضد المخاطر، فنجد أنه في مجال الأعمال الرسمية يمكن للتأمين الطبي، على سبيل المثال، الذي يغطي الأطفال أن يسمح للنساء بمواصلة العمل حتى لو واجهن مشاكل تتعلق بصحة الأسرة. وبالمثل فإن النساء العاملات في العمل الحر عبر الإنترنت بحاجة إلى مثل هذه الخدمات. وفي هذا الصدد، توجد بعض النماذج التي يمكن الاستفادة منها في هذا المجال، فمنصة العمل الحر الهندية “Urban Company” هي مثال على كيفية الاستفادة من الشراكات بين المنصات الإلكترونية، وشركات التكنولوجيا المالية، وشركات التأمين من أجل إيجاد حلول لمثل هذه التحديات. فيمكن للعمال الذين يستخدمون Urban Company الوصول إلى مجموعة من الخدمات والمنتجات المالية مثل القروض الخاصة بأدوات بداية العمل، والتأمين الصحي، بالإضافة إلى القروض الشخصية أثناء الأوبئة.
-تحتاج السيدات إلى أدوات مالية مبتكرة، وتوافر الدعم للاستفادة من المشاركة في العمل الحر عبر الإنترنت. وفي هذا الصدد، يمكن القول بأنه يمكن للشراكات بين منصات العمل الحر عبر الإنترنت ومقدمي الخدمات المالية وصانعي السياسات أن تلبي احتياجات النساء العاملات عبر الإنترنت.