الدكتورة داليا مجدى عبد الغنى تكتب: بلا ثمن




“مَنْ باع الثمين بلا ثمن، اشترى الرخيص بأعلى ثمن”، وهذه قاعدة حقيقية، فهناك أشخاص لا يعرفون قيمة النفائس والجواهر، ويبيعونها بأبخس الأثمان، فهؤلاء عادة يشترون الأشياء الرخيصة بأغلى الأثمان، لأنهم اعتادوا على الجهل فى التقييم.


والثمين لا يقتصر على الجواهر والحلى، ولكنه يمتد إلى الإنسان، فالإنسان الغالى لا يعرف قيمته سوى الغالى مثله، أما الرخيص فلا يعرف تلك القيمة، لذا يبيعه بأرخص ثمن، فكم من مرة وجدنا صديقًا خان صديقه الوفى، والخيانة هى نوع من أنواع البيع الزهيد، وكم من زوج استغنى عن زوجته الحنون، والاستغناء أحد أنواع البيع الرخيص. وهناك العديد من العلاقات التى أثبتت ضعف قدرة أحد أطرافها على تقدير قيمة الطرف الآخر.


وللأسف، هؤلاء يشترون الأشخاص الرخيصة بأغلى الأثمان، ربما لأنهم يجدون فيهم صورة من أنفسهم، لذا يُقدرونهم، اعتقادًا منهم أنهم بذلك يقدرون أنفسهم، فالمعادلة صحيحة ومنطقية، فمَنْ لا يعرف قيمة الأشياء الغالية، والأشخاص الأصيلة، ولا يمنحها تقديرها الذى تستحقه، بالقطع سيقدر كل ما هو غثّ ورخيص، لذا نجد كثيرًا من الأشخاص يستبدل الغثّ بالثمين، ويكونون فى قمة سعادتهم.


وهؤلاء لا يستحقون النصيحة، فهم اعتادوا أن يعيشوا وعلى أبصارهم غشاوة، فهم يتمتعون بفكرة تعصب أعينهم، ولكن النصيحة تكون للغالى الذى يبيعه الرخيص بلا ثمن، فنقول له: “لا تُقدر قيمتك بنظرة شخص أمِّى وجاهل ورخيص، فهذا يظن أن الألماس زجاج، وأن الزجاج ألماس” فهو لا يصلح حكمًا لقيم الأشياء، وإذا قابلت هذه النوعية ابتعد عنها، وكن راضيًا من داخلك أنه يظن أنه باعك، لأنه فى واقع الأمر لم يمتلكك حتى يبيعك، فبعده عنك قمة الرحمة لك، حتى تذهب لمَنْ يعرف قيمتك ويُقدرك، وتأكد من داخلك أنه شخص بلا ثمن، ومَنْ ليس له ثمن لا يصلح لتقدير الثمن.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *